0
Al Muqaddima Part 125 : الفصل 21 في و جود العصبية في الأمصار و تغلب بعضهم على بعض - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
0 0

Al Muqaddima Part 125 : الفصل 21 في و جود العصبية في الأمصار و تغلب بعضهم على بعض Ibn Khaldoun - إبن خلدون

Al Muqaddima Part 125 : الفصل 21 في و جود العصبية في الأمصار و تغلب بعضهم على بعض - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
الفصل الحادي و العشرون في و جود العصبية في الأمصار و تغلب بعضهم على بعض من البين أن الالتحام أو الاتصال موجود في طباع البشر و أن لم يكونوا أهل نسب واحد إلا أنه كما قدمناه أضعف مما يكون بالنسب و أنه تحصل به العصبية بعضاً مما تحصل بالنسب. و أهل الأمصار كثير منكم ملتحمون بالصهر يجذب بعضهم بعضاً إلى أن يكونوا لحماً لحماً و قرابة قرابة و تجد بينهم من العداوة والصداقة ما يكون بين القبائل و العشائر مثله فيفترقون شيعاً و عصائب فإذا نزل الهرم بالدولة و تقلص ظل الدولة عن القاصية احتاج أهل أمصارها إلى القيام على أمرهم و النظر في حماية بلدهم و رجعوا إلى الشورى و تميز العلية عن السفلة و النفوس بطباعها متطاولة إلى الغلب و الرئاسة فتطمح المشيخة لخلاء الجو من السلطان و الدولة القاهرة إلى الاستبداد و تنازع كل صاحبه و يستوصلون بالأتباع من الموالي و الشيع و الأحلاف و يبذلون ما في أ يديهم للأوغاد و الأوشاب فيعصوصب كل لصاحبه و يتعين الغلب لبعضهم فيعطف على أكفائه ليقص من أعنتهم و يتتبعهم بالقتل أو التغريب حتى يحضد منهم الشوكات النافذة و يقلم الأظفار الخادشة و يستبد بمصر أجمع و يرى أنه قد استحدث ملكاً يورثه عقبه فيحدث في ذلك الملك الأصغر ما يحدث في الملك الأعظم من عوارض الجدة والهرم و ربما يسمو بعض هؤلاء إلى مناخ الملوك الأعاظم أصحاب القبائل والعشائر و العصبيات و الزحوف و الخروب و الأقطار و الممالك فينتحلون بها من الجلوس على السرير و اتخاذ الآلة و إعداد المواكب للسير في أقطار البلد و التختم والتحية و الخطاب بالتهويل ما يسخر منه من يشاهد أحوالهم لما انتحلوه من شارات الملك التي ليسوا لها بأهل. إنما دفعهم إلى ذلك تقلص الدولة و التحام بعض القرابات حتى صارت عصبية. و قد يتنزه بعضهم عن ذلك و يجري على مذهب السذاجة فراراً من التعريض بنفسه للسخرية و العبث. و قد وقع هذا بأفريقية لهذا العهد في آخر الدولة الحفصية لأهل بلاد الجربد من طرابلس وقابس و تؤزر و نفطة و قفصة و بسكرة و الزاب و ما إلى ذلك. سموا إلى مثلها عند تقلص ظل الدولة عنهم منذ عقود من السنين فاستغلبوا على أمصارهم و استبدوا بأمرها على الدولة في الأحكام و الجباية. و أعطوا طاعة معروفة و صفقة ممرضة و أقطعوها جانباً من الملاينة و الملاطفة و الانقياد و هم بمعزل عنه. و أورثوا ذلك أعقابهم لهذا العهد. و حدث في خلفهم من الغلظة و التجبر ما يحدث لأعقاب الملوك و خلفهم و نظموا أنفسهم في عداد السلاطين على قرب عهدهم بالسوقة حتى محا ذلك مولانا أمير المؤمنين أبو العباس و انتزع ما كان بأيديهم من ذلك كما نذكره في أخبار الدولة. و قد كان مثل ذلك و قع في آخر الدولة الصنهاجية. و استقل بأمصار الجريد أهلها و استبدوا على الدولة حتى انتزع ذلك منهم شيخ الموحدين وملكهم عبد المؤمن بن علي و نقلهم من إماراتهم بها إلى المغرب و محا من تلك البلاد آثارهم كما نذكر في أخباره. و كذا و قع بسبتة لآخر دولة بنى عبد المؤمن.

وهذا التغلب يكون غالباً في أهل السروات و البيوتات المرشحين للمشيخة و الرئاسة في المصر، و قد يدذث التغلب لبعض السفلة من الغوغاء والدهماء. و إذا حصلت له العصبية و الالتحام بالأوغاد لأسباب يجرها له المقدار فيتغلب على المشيخة والعلية إذا كانوا فاقدين للعصابة و الله سبحانه و تعالى غالب على أمره.
Comments (0)
The minimum comment length is 50 characters.
Information
There are no comments yet. You can be the first!
Login Register
Log into your account
And gain new opportunities
Forgot your password?