0
Al Muqaddima Part 109 : الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جداً لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
0 0

Al Muqaddima Part 109 : الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جداً لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة Ibn Khaldoun - إبن خلدون

Al Muqaddima Part 109 : الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جداً لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
الفصل الرابع في أن الهياكل العظيمة جداً لا تستقل ببنائها الدولة الواحدة و السبب في ذلك ما ذكرناه من حاجة البناء إلى التعاون و مضاعفة القدر البشرية و قد تكون المباني في عظمها أكثر من القدر مفردة أو مضاعفة بالهندام كما قلناه فيحتاج إلى معاودة قدر أخرى مثلها في أزمنة متعاقبة إلى أن تتم.

فيبتدئ الأول منهم بالبناء، و يعقبه الثاني و الثالث، و كل واحد منهم قد استكمل شأنه في حشر الفعلة و جمع الأيدي حتى يتم القصد من ذلك و يكمل و يكون ماثلاً للعيان يظنه من يراه من الآخرين أنه بناء دولة واحدة. و انظر في ذلك ما نقله المؤرخون في بناء سد مأرب و أن الذي بناه سبأ بن يشخب و ساق إليه سبعين وادياً و عاقه الموت عن إتمامه فأتمه ملوك حمير من بعده و مثل هذا ما نقل في بناء قرطاجنة و قناتها الراكبة على الحنايا العادية و أكثر المباني العظيمة في الغالب هذا شأنها و يشهد لذلك أن المباني العظيمة لعهدنا نجد الملك الواحد يشرع في اختطاطها و تأسيسها فإذا لم يتبع أثره من بعده من الملوك في إتمامها بقيت بحالها و لم يكمل القصد فيها. و يشهد لذلك أيضاً أنا نجد آثاراً كثيرة من المباني العظيمة تعجز الدول عن هدمها و تخريبها مع أن الهدم أيسر من البناء بكثير لأن الهدم رجوع إلى الأصل الذي هو العدم و البناء على خلاف الأصل.

فإذا وجدنا بناء تضعف قوتنا البشرية عن هدمه مع سهولة الهدم علمنا أن القدرة التي أسسته مفرطة القوة و أنها ليست أثر دولة واحدة و هذا مثل ما وقع للعرب في إيوان كسرى لما اعتزم الرشيد على هدمه و بعث إلى يحيى بن خالد و هو في محبسه يستشيره في ذلك فقال يا أمير المؤمنين لا تفعل و اتركه ماثلاً يستدل به على عظم ملك آبائك الذين سلبوا الملك لأهل ذلك الهيكل فاتهمه في النصيحة و قال أخذته النعرة للعجم و الله لأصر عنه و شرع في هدمه و جمع الأيدي عليه و اتخذ له الفؤس و حماه بالنار و صب عليه الخل حتى إذا أدركه العجز بعد ذلك كله وخاف الفضيحة بعث إلى يحيى يستشيره ثانياً في التجافي عن الهدم فقال لا تفعل و استمر على ذلك لئلا يقال عجز أمير المؤمنين و ملك العرب عن هدم مصنع من مصانع العجم فرفعها الرشيد و أقصر عن هدمه و كذلك اتفق للمأمون في هدم الأهرام التي بمصر و جمع الفعلة لهدمها فلم يحل بطائل و شرعوا في نقبه فانتهوا إلى جو بين الحائط و الظاهر و ما بعده من الحيطان و هنالك كان منتهى هدمهم و هو إلى اليوم فيما يقال منفذ ظاهر و يزعم الزاعمون أنه وجد ركازاً بين تلك الحيطان والله أعلم. و كذلك حنايا المعلقة إلى هذا العهد تحتاج أهل مدينة تونس إلى انتخاب الحجارة لبنائهم أو تستجيد الصناع حجارة تلك الحنايا فيحاولون على هدمها الأيام العديدة و لا يسقط الصغير من جدرانها إلا بعد عصب الريق و تجتمع له المحافل المشهورة شهدت منها في أيام صباي كثيراً
“والله خلقكم وما تعملون"
Comments (0)
The minimum comment length is 50 characters.
Information
There are no comments yet. You can be the first!
Login Register
Log into your account
And gain new opportunities
Forgot your password?