0
Al Muqaddima Part 39 : الفصل 20 في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة و بالعكس - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
0 0

Al Muqaddima Part 39 : الفصل 20 في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة و بالعكس Ibn Khaldoun - إبن خلدون

Al Muqaddima Part 39 : الفصل 20 في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة و بالعكس - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
الفصل العشرون ـ في أن من علامات الملك التنافس في الخلال الحميدة و بالعكس لما كان الملك طبيعياً للإنسان لما فيه من طبيعة الاجتماع كما قلناه و كان الإنسان أقرب إلى خلال الخير من خلال الشر بأصل فطرته و قوته الناطقة العاقلة لأن الشر إنما جاءه من قبل القوى الحيوانية التي فيه و إما من حيث هو إنسان فهو إلى الخير و خلاله أقرب و الملك و السياسة إنما كانا له من حيث هو إنسان لأنهما للإنسان خاصة لا للحيوان فإذاً خلال الخير فيه هي التي تناسب السياسة و الملك إذ الخير هو المناسب للسياسة و قد ذكرنا أن المجد له أصل يبنى عليه و تتحقق به حقيقته و هو العصبية و العشير و فرع يتمم و جوده و يكمله و هو الخلال و إذا كان الملك غاية للعصبية فهو غاية لفروعها و متمماتها و هي الخلال لأن وجوده دون متمماته كوجود شخص مقطوع الأعضاء أو ظهوره عرياناً بين الناس لم إذا كان وجود العصبية فقط من غير انتحال الخلال الحميدة نقصاً في أهل البيوت و الأحساب فما ظنك بأهل الملك الذي هو غاية لكل مجد و نهاية لكل حسب و أيضاً فالسياسة و الملك هي كفالة للخلق و خلافة لله في العباد لتنفيذ أحكامه فيهم و أحكام الله في خلقه و عباده إنما هي بالخير و مراعاة المصالح كما تشهد به الشرائع و أحكام البشر إنما هي من الجهل و الشيطان بخلاف قدرة الله سبحانه و قدره فإنه فاعل للخير و الشر معاً و مقدرهما إذ لا فاعل سواه فمن حصلت له العصبية الكفيلة بالقدرة و أونست منه خلال الخير المناسبة لتنفيذ أحكام الله في خلقه فقد تهيأ للخلافة في العباد و كفالة الخلق و وجدت فيه الصلاحية لذلك. و هذا البرهان أوثق من أن أول و أصح مبنى فقد تبين أن خلال الخير شاهدة بوجود الملك لمن و جدت له العصبية فإذا نفرنا في أهل العصبية و من حصل لهم من الغلب على كثير من النواحي و الأمم فوجدناهم يتنافسون في الخير و خلاله من الكرم و العفو عن الزلات و الاحتمال من غير القادر و القرى للضيوف و حمل الكل و كسب المعدم و الصبر على المكاره و الوفاء بالعهد و بذل الأموال في صون الأعراض و تعظيم الشريعة و إجلال العلماء الحاملين لها و الوقوف عند ما يحددونه لهم من فعل أو ترك و حسن الظن بهم و اعتقاد أهل الدين و التبرك بهم و رغبه الدعاء منهم و الحياء من الأكابر و المشايخ و توقيرهم و إجلالهم و الانقياد إلى الحق مع الداعي إليه و إنصاف المستضعفين من أنفسهم و التبدل في أحوالهم و الانقياد للحق و التواضع للمسكين و استماع شهوى المستغيثين و التدين بالشرائع و العبادات و القيام عليها و على أسبابها و التجافي عن الغدر و المكر و الخديعة و نقض العهد و أمثال ذلك علمنا أن هذه خلق السياسة قد حصلت لديهم و استحقوا بها أن يكونوا ساسة لمن تحت أيديهم أو على العموم و أنه خير ساقه الله تعالى إليهم مناسب لعصبيتهم و غلبهم و ليس ذلك سدىً فيهم و لا وجد عبثاً منهم و الملك أنسب المراتب و الخيرات لعصبيتهم فعلمنا بذلك أن الله تأذن لهم بالملك و ساقه إليهم و بالعكس من ذلك إذا تأذن الله بانقراض الملك من أمة حملتهم على ارتكاب المذمومات و انتحال الرذائل و سلوك طرقها فتفقد الفصائل السياسية منهم جملة و لا تزال في انتقاص إلى أن يخرج الملك من أيديهم و يتبدل به سواهم ليكون نعياً عليهم في سلب ما كان الله قد أتاهم من الملك و جعل في أيديهم من الخير” وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا” و استقرىء ذلك و تتبعه في الأمم السابقة تجد كثيراً مما قلناه و رسمناه و الله يخلق ما يشاء و يختار و اعلم أن من خلال الكمال التي يتنافس فيها القبائل ألو العصبية و تكون شاهدة لهم بالملك إكرام العلماء و الصالحين و الأشراف و أهل الأحساب و أصناف التجار و الغرباء و إنزال الناس منازلهم و ذلك أن إكرام القبائل و أهل العصبيات و العشائر لمن يناهضهم في الشرف و يجاد بهم حبل العشير و العصبية و يشاركهم في اتساع الجاه أمر طبيعي يحمل عليه في الأكثر الرغبة في الجاه أو المخافة من قوم المكرم أو التماس مثلها منه و أما أمثال هؤلاء من ليس لهم عصبية تتقى و لا جاه يرتجى فيندفع الشك في شأن كرامتهم و يتمحض القصد فيهم أنه للمجد و انتحال الكمال في الخلال و الإقبال على السياسة بالكلية لأن إكرام أقتاله و أمثاله ضروي في السياسة الخاصة بين قبيلة و نظرائه و إكرام الطارئين من أهل الفضائل و الخصوصيات كمال في السياسة العامة فالصالحون للدين و العلماء للجاءي إليهم في إقامة مراسم الشريعة و التجار للترغيب حتى تعم المنفعة بما في أيديهم و الغرباء من مكارم الأخلاق و إنزال الناس منازلهم من الإنصاف و هو من العدل فيعلم بوجود ذلك من أهل عصبيته انتماؤهم للسياسة العامة و هي الملك و أن الله قد تأذن بوجودها فيهم لوجوب علاماتها و لهذا كان أول ما يذهب من القبيل أهل الملك إذا تأذن الله تعالى بسلب ملكهم و سلطانهم إكرام هذا الصنف من الخلق فإذا رأيته قد ذهب من أمة من الأمم فاعلم أن الفضائل قد أخذت في الذهاب عنهم و ارتقب زوال الملك منهم “و إذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له” و الله تعالى أعلم.
Comments (0)
The minimum comment length is 50 characters.
Information
There are no comments yet. You can be the first!
Login Register
Log into your account
And gain new opportunities
Forgot your password?