0
Al Muqaddima Part 66: الفصل 17 في أطوار الدولة و اختلاف أحوالها و خلق أهلها باختلاف الأطوار - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
0 0

Al Muqaddima Part 66: الفصل 17 في أطوار الدولة و اختلاف أحوالها و خلق أهلها باختلاف الأطوار Ibn Khaldoun - إبن خلدون

Al Muqaddima Part 66: الفصل 17 في أطوار الدولة و اختلاف أحوالها و خلق أهلها باختلاف الأطوار - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
الفصل السابع عشر في أطوار الدولة و اختلاف أحوالها و خلق أهلها باختلاف الأطوار إعلم أن الدولة تنتقل في أطوار مختلفة و حالات متجددة و يكتسب القائمون بها في كل طور خلقاً من أحوال ذلك الطور لا يكون مثله في الطور الآخر لأن الخلق تابع بالطبع لمزاج الحال الذي هو فيه و حالات الدولة و أطوارها لا تعدو في الغالب خمسة أطوار. الطور الأول طور الظفر بالبغية و غلب المدافع و الممانع و الاستيلاء على الملك و انتزاعه من أيدي الدولة في هذا الطور أسوة قومه في اكتساب المجد و جباية المال و المدافعة عن الحوزة و الحماية لا ينفرد دونهم بشيء لأن ذلك هو مقتضى العصبية التي وقع بها الغلب وهي لم تزل بعد بحالها. الطور الثاني طور الاستبداد على قومه و الانفراد دونهم بالملك و كبحهم عن التطاول للمساهمة و المشاركة و يكون صاحب الدولة في هذا الطور معنياً باصطناع الرجال و اتخاذ الموالى و الصنائع و الاستكثار من ذلك لجدع الموت أهل عصبيته و عشيرته المقاسمين له في نسبة الضاربين في الملك بمثل سهمه فهو يدافعهم عن الأمر و يصدهم عن موارده و يردهم على أعقابهم، أن يخلصوا إليه حتى يقر الأمر في نصابه و يفرد أهل بيته بما يبني من مجده فيعانى من مدافعتهم و مغالبتهم مثل ما عاناه الأولون في طلب الأمر أو أشد لأن الأولين دافعوا الأجانب فكان ظهراؤهم على مدافعتهم أهل العصبية بأجمعهم و هذا يدافع الأقارب لا يظاهره على مدافعتهم إلا الأقل من الأباعد فيركب صعباً من الأمر. الطور الثالث طور الفراغ و الدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طباع البشر إليه من تحصيل المال و تخليد الآثار و بعد الصيت فيستفرغ وسعه في الجباية و ضبط الدخل و الخرج و إحصاء النفقات و القصد فيها و تشييد المباني الحافلة و المصانع العظيمة و الأمصار المتسعة و الهياكل المرتفعة و إجازة الوفود من أشراف الأمم و وجوه القبائل و بث المعروف في أهله هذا مع التوسعة على صنائعه و حاشيته في أحوالهم بالمال و الجاه واعتراض جنوده و إدرار أرزاقهم و إنصافهم في أعطياتهم لكل هلال حتى يظهر أثر ذلك عليهم في ملابسهم و شكثهم و شاراتهم يوم الزينة فيباهي بهم الدول المسالمة و يرهب الدول المحاربة و هذا الطور آخر أطوار الاستبداد من أصحاب الدولة لأنهم في هذه الأطوار كلها مستقلون بآرائهم بانون لعزهم موضحون الطرق لمن بعدهم. طور القنوع و المسالمة و يكون صاحب الدولة في هذا قانعاً بما بنى أولوه سلماً لأنظاره من الملوك و أقتاله مقلداً للماضين من سلفه فيتبع آثارهم حذو النعل بالنعل و يقتفي طرقهم بأحسن مناهج الاقتداء و يرى أن في الخروج عن تقليدهم فساد أمره و أنهم أبصر بما بنوا من مجده. الطور الخامس طور الإسراف و التبذير و يكون صاحب الدولة في هذا الطور متلفاً لما جمع أولوه في سبيل الشهوات و الملاذ و الكرم على بطانته و في مجالسه و اصطناع أخدان السوء و خضراء الدمن و تقليدهم عظيمات الأمور التي لا يستقلون بحملها و لا يعرفون ما يأتون منها يذرون منها مستفسداً لكبار الأولياء من قومه و صنائع سلفه حتى يضطغنوا عليه و يتخاذلوا عن نصرته مضيعاً من جنده بما أنفق من أعطياتهم في شهواته و حجب عنهم وجه مباشرته و تفقده فيكون مخرباً لما كان سلفه يؤسسون و هادماً لما كانوا يبنون و في هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم و يستولي عليها المرض المزمن الذي لا تكاد تخلص منه و لا يكون لها معه برء إلى أن تنقرض كما نبينه في الأحوال التي نسردها و الله خير الوارثين.
Comments (0)
The minimum comment length is 50 characters.
Information
There are no comments yet. You can be the first!
Login Register
Log into your account
And gain new opportunities
Forgot your password?