0
Al Muqaddima Part 47 : الفصل 28 في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
0 0

Al Muqaddima Part 47 : الفصل 28 في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك Ibn Khaldoun - إبن خلدون

Al Muqaddima Part 47 : الفصل 28 في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك - Ibn Khaldoun - إبن خلدون
الفصل الثامن و العشرون في أن العرب أبعد الأمم عن سياسة الملك و السبب في ذلك أنهم أكثر بداوة من سائر الأمم و أبعد مجالاً في القفر و أغنى عن حاجات التلول و حبوبها لاعتيادهم لشظف و خشونة العيش فاستغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لإفلاهم ذلك و للتوحش و رئيسهم محتاج إليهم غالباً للعصبية التي بها المدافعة فكان مضطراً إلى إحسان ملكتهم و ترك مراغمتهم لئلا يختل عليه شأن عصبيته فيكون فيها هلاكه و هلاكهم و سياسة الملك و السلطان تقتضي أن يكون السائس وازعاً بالقهر و إلا لم تستقم سياسته و أيضاً فإن من طبيعتهم كما قدمناه أخذ ما في أيدي الناس خاصة و التجافي عما سوى ذلك من الأحكام بينهم و دفاع بعضهم عن بعض فإذا ملكوا أمة من الأمم جعلوا غاية ملكهم الانتفاع بأخذ ما في أيديهم و تركوا ما سوى ذلك من الأحكام بينهم و ربما جعلوا العقوبات على المفاسد في الأموال حرصاً على تكثير الجبايات و تحصيل الفوائد فلا يكون ذلك وازعاً و ربما يكون باعثاً بحسب الأغراض الباعثة على المفاسد و استهانة ما يعطي من ماله في جانب غرضه فتنمو المفاسد بذلك و يقع تخريب العمران فتبقى تلك الأمة كأنها فوضى مستطيلة أيدي بعضها على بعض فلا يستقيم لها عمران و تخرب سريعاً شأن الفوضى كما قدمناه فبعدت طباع العرب لذلك كله عن سياسة الملك و إنما يصيرون إليها بعد انقلاب طباعهم و تبدلها بصبغة دينية تمحو ذلك منهم و تجعل الوازع لهم من أنفسهم و تحملهم على دفاع الناس بعضهم عن بعض كما ذكرناه و اعتبر ذلك بدولتهم في الملة لما شيد لهم الدين أمر السياسة بالشريعة و أحكامها المراعية لمصالح العمران ظاهراً و باطناً و تتابع فيها الخلفاء عظم حينئذ ملكهم و قوي سلطانهم. كان رستم إذا رأى المسلمين يجتمعون للصلاة يقول أكل عمر كبدي يعلم الكلاب الآداب ثم إنهم بعد ذلك انقطعت منهم عن الدولة أجيال نبذوا الدين فنسوا السياسة و رجعوا إلى قفرهم و جهلوا شأن عصبيتهم مع أهل الدولة ببعدهم في الانقياد و إعطاء النصفة فتوحشوا كما كانوا و لم يبق لهم من اسم الملك إلا أنهم من جنس الخلفاء و من جيلهم و لما ذهب أمر الخلافة و امحي رسمها انقطع الأمر جملة من أيديهم و غلب عليهم العجم دونهم و أقاموا في بادية قفارهم لا يعرفون الملك و لا سياسته بل قد يجهل الكثير منهم أنهم قد كان لهم ملك في القديم و ما كان في القديم لأحد من الأمم في الخليقة ما كان لأجيالهم من الملك و دول عاد و ثمود و العمالقة و حمير و التبابعة شاهدة بذلك ثم دولة مضر في الإسلام بني أمية و بني العباس لكن بعد عهدهم بالسياسة لما نسوا الدين فرجعوا إلى أصلهم من البداوة و قد يحصل لهم في بعض الأحيان غلب على الدول المستضعفة كما في المغرب لهذا العهد فلا يكون ماله و غايته إلا تخريب ما يستولون عليه من العمران كما قدمناه و الله يؤتي ملكه من يشاء.
Comments (0)
The minimum comment length is 50 characters.
Information
There are no comments yet. You can be the first!
Login Register
Log into your account
And gain new opportunities
Forgot your password?